سوق الفرو التراثي بحمص… صورة راسخة في الذاكرة الشعبية

حمص-سانا

تختزن الذاكرة الشعبية في حمص صورة الأسواق التراثية وسط المدينة القديمة وتلفت انتباه الزائرين إليها اليوم بعد تأهيلها وعودة عدد من المهن التراثية ومن هذه الأسواق سوق الفرو أو كما تطلق عليه العامة “الفرواتية” نسبة إلى نوع من اللباس والفرش الذي لا يزال الكثيرون يرغبون باقتنائه.

سوق الفرو الذي يعد نقطة ارتباط بين ثلاثة أسواق وهي النحاسين والخياطين والنجارين يحوي عشرات المحال التي تتقابل في صفين متراصين وتتوسطه ساحة صغيرة وأرضيته من الحجارة البازلتية السوداء كما جدران محاله أيضاً ويضم مجموعة من الحرفيين الذين ورثوا مهنة صناعة الفرو بأنواعه المختلفة أباً عن جد ولا سيما البلدي منها.

نضال مليسو الذي يعمل منذ ثلاثين عاماً في المهنة يقوم وفق قوله لمراسلة سانا بخياطة أجزاء الفرو في مرحلة من مراحل العمل بعد تنظيفه وغسله بالملح والشبة لإزالة ما هو عالق به ومن ثم الدبغ والخياطة وتغليفه بالقماش من الخارج.. مشيراً إلى أن هذه المهنة يلزمها الكثير من الصبر والإتقان وسط إقبال على اقتناء الفرو بالرغم من غلاء أسعاره حيث تبدأ من خمسين ألفاً وحتى 150 ألف ليرة سورية للفروة الواحدة.

ويقول الحرفي غنام الفرا ورثت المهنة أباً عن جد ومحالنا ما زالت في السوق الذي يعرفه الجميع ننتج جميع أنواع الفرو من لباس ومد للبيوت وبعض المباني السياحية والتراثية والإقبال جيد وعملنا مستمر بكادر قليل نوعاً ما وعملنا بشكل أساسي يحتاج لحرارة الصيف والجفاف للجلد المراد تصنيعه.

زياد الحسين الذي يمتلك محلاً لمنتجات الفرو يقول إنه بعد غسيل الجلد بالملح والشبة وتعقيمه يمر الجلد بمكنة يدوية لتنعيمه وتنظيفه وزيادة بياضه ولمعانه تمهيداً لخياطته سواء لمد الأرض أو للباس وله أنواع منها طفيلية تأتي بوزن كيلو أو كيلو ونصف الكيلو وهي أغلاها ثمناً وأكثرها نعومة وبياضاً وفروة الراعي يستخدمها الرعيان في البوادي وتغلف بمختلف أنواع الأقمشة وتنشط المهنة في أيام الأعياد والأضحيات حيث تتوافر جلود الأضاحي لتصنيعها حسب الطلب.

أحد الزبائن في سوق الفرو محمد السباعي أعرب عن ارتياحه لعودة السوق حيث لديه شغف باقتناء القطع التراثية ولا سيما المجلس العربي الذي لا يخلو من الفرو البلدي المصنوع بإتقان ليزين فيه مجلسه.

وأوضح الدكتور عبد الرحمن البيطار رئيس الجمعية التاريخية بحمص أن سوق الفرو أو الفرواتية كما هو شائع يعد جزءاً من مجموعة الأسواق التراثية المنظمة حيث كانت الأسواق موزعة وفق كل صنعة وتجارة وحرفة فلكل منها سوق خاص بها ما يعكس إحدى طرق التطور الحضاري الذي تتميز به المدن العربية منوهاً بأن الفرواتية سوق مهم وله رواد كثر ولا سيما من أهالي القرى والبادية.

وأشار البيطار إلى أنه تم بناء السوق في أواخر القرن التاسع عشر ولم يكن مسقوفاً بالنظر إلى طبيعة منتجاته من جلود الذبائح وكان للأسواق محتسب يشرف عليها من جميع النواحي ويدير شؤونها الإدارية والقانونية ولكل مهنة شيخ يدعى شيخ الكار.

تمام الحسن

انظر ايضاً

بهدف الحفاظ على المهن التراثية… دورات تدريبية في خمس حرف يدوية بحاضنة دمر التراثية

دمشق-سانا لأن المهن التراثية من أهم وسائل التعبير عن الثقافة وصون التراث والهوية الثقافية ونقلها …